لَكاذِبُونَ) [النحل: ٨٦]؛ أو للمشركين، أى: يُنكرون لسُوء العاقبة أن يكونوا قد عبدوها. قال الله تعالى:(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)[الأنعام: ٢٣](عَلَيْهِمْ ضِدًّا) في مقابلة (لَهُمْ عِزًّا)، والمراد: ضدّ العز وهو الذل والهوان، أى: يكونون عليهم ضدا لما قصدوه وأرادوه، كأنه قيل: ويكونون عليهم ذلا، لا لهم عزا أو يكونون عليهم عونا، والضدّ: العون. يقال من أضدادكم؟ أى: أعوانكم وكأن العون سمى ضدا؛ لأنه يضاد عدوك وينافيه بإعانته لك عليه. فإن
قوله:(أي: يكونون عليهم ضداً لما قصدوه وأرادوه)، المعنى: طلب العز فانقلب ضدها وهو الذُل، فيكون من الطباق المقدر.
قوله:(أو يكونون عليهم عوناً) والعونُ هاهنا على التهكم، كما في قوله تعالى:(بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ)[هود: ٩٩]، أي: بئس العون المُعان، فيلزمُ التقابل أيضاً لان ضد المعين لا يكونُ غلا الخاذل المُذل، قال القاضي: ومعنى كونهم ضداً أنها تكونُ معونةً في عذابهم، بأن توقد بها نيرانهم.
قوله:(وأن العون سُمي ضداً لأنه يُضاد عدوك وينافيه). الراغب: الضدان: الشيئان اللذان تحت جنس واحد، وينافي كل منهما الآخر في أوصافه الخاصة، وبينهما أبعد البعد، كالسواد والبياض، والخير والشر، وما لم يكونا تحت جنسٍ واحدٍ لا يقال لهما: ضدان، كالحلاوة والحركة، وكثيرٌ من المتكلمين وأهل اللغة يقولون: الضدان: ما لايصح اجتماعهما في محل واحد. وقيل: الله تعالى لا ند له ولا ضد؛ لأن الند هو الاشتراك في الجوهر، والضد هو أن يعتقب الشيئان المتنافيان على جنسٍ واحد، والله تعالى منزهٌ عن أن يكون له جوهر، فإذاً لا ضد له ولا ند.