للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا نُلغيه، بل نثبته في صحيفته لنضرب به وجهه في الموقف ونعيره به (وَيَاتِينا) على فقره ومسكنته (فَرْداً) من المال والولد، لم نوله سؤله ولم نؤته متمناه، فيجتمع عليه الخطبان: تبعة قوله ووباله، وفقد المطموع فيه. (فرداً) على الوجه الأول: حال مقدرة نحو (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) [الزمر: ٧٣]؛ لأنه وغيره سواء في إتيانه فردا حين يأتى، ثم يتفاوتون بعد ذلك.

(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم: ٨١ - ٨٢].

أى: ليتعززوا بآلهتهم حيث يكونون لهم عند الله شفعاء وأنصارا ينقذونهم من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال أبو البقاء: في (مَا) في (مَا يَقُولُ) وجهان، أحدهما: هي بدلٌ من الهاء، وهي بدلُ الاشتمالن أي: نرثث قوله. والثاني: هو مفعولٌ به، أي: نرثُ منهُ قوله.

قوله: ((فَرْداً) على الوجه الأول: حالٌ مقدرةٌ. وهو أن يُراد بـ (مَا يَقُولُ): مسمى ما يقولُ، وهو المال والولد، ويُراد من الفردية الانقطاع منهما في العاقبة بالكلية، ولا شك أن مثل هذه الفردية لا تحصل إلا للكافر، وغلا فالمؤمن والكافر سواءٌ عند البعث في كونهما منفردين عن المال والولد، لقوله تعالى: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) [الأنعام: ٩٤]، ثم يتفاوتون بعد ذلك، فالمؤمن يلاقي أحبته وأولاده وما اشتهاه، والكافر يحالُ بينه وبين ما يشتهيه وينفرد عنه أبداً. ومثلُ هذا الانفراد لا يحصل في بقية الوجوه.

قوله: (لأنه وغيره سواءٌ) تعليلٌ لشبه الحال المقدرة بقوله: (فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) [الزمر: ٧٣] في أن المراد منها خاتمة الأمر وعاقبته. وأما اتصال قوله: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً) [مريم: ٨١] بما قبله، فإنه عطفٌ على (وَيَقُولُ الإِنسَانُ)، وسبق أن قوله: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) عطفٌ عليه، حكى الله تعالى عنهم أولاً إنكارهم الحشر، ثم طعنهم في القرآن، والافتخار بالمال والولد، ثم إثبات الشريك لله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>