ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه. الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ أعمال الآخرة كلها. وقيل: الصلوات. وقيل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أى: هي خَيْرٌ ثَواباً من مفاخرات
الجواب: أن الجملة الشرطية جملةٌ خبرية مقيدة بقيد، كما ذكره صاحب "المفتاح"، فقوله:(فَلْيَمْدُدْ)، في معنى: يمد أو مد له، والشرط كالقيد، والعطف لا يقتضي الاشتراك في جميع القيود، فكأنه قال: مد الرحمن مداً لمن كان في الضلالة (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى).
وأقول: إنما صح العطفُ لأن قوله: (الَّذِينَ اهْتَدَوْا) حكاية أعدائهم، فكأنه قال: من كان في الضلالة فيزيد الله ضلالته، ويزيد هداية أعدائهم من المؤمنين تشويراً لهم وغيظاً؛ لأن الإحسان إلى غيرهم مما يغمهم، فكان داخلا ًفي جملة التنكيل بهم، فوضع الظاهر موضع المضمر.
وقال القاضي:(وَيَزِيدُ اللَّهُ) عطفٌ على الشرطية المحكية بعد القول، كأنه لما بين أن إمهال الكافر وتمتيعه بالحياة الدنيا ليس لفضله، أراد أن يبين أن قصور حظ المؤمن منها ليس لنقصه، بل لأن الله تعالى أراد به ما هو خيرٌ.
وقلتُ- والله أعلم-: قد سبق أن قوله: (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً) أمرٌ للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يجيب عن قول المعاندين الذين إذا تليت عليهم آيات الله قالوا للذين آمنوا: (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً)، فالواجبُ على المجيب أن يُراعي المطابقة في الجوابن ويذكر الفريقين أيضاً أصالة لا استطراداً، كما عليه كلام القاضي، فكأنه قيل: من كان في الضلالة من الفريقين فليمهله الله وينفس في مدة حياته ليزيد في الغي ويجمع الله له عذاب الدارين، ومن كان في الهداية يزيد الله هدايته فيجمع له خير الدارين، والجواب من الأسلوب الحكيم، وفيه معنى قول حسان: