خلفه: إذا عقبه، ثم قيل في عقب الخير «خلف» بالفتح، وفي عقب السوء: خلف، بالسكون، كما قالوا «وَعيدٌ» في ضمان الخير، و «وعيد» في ضمان الشر. عن ابن عباس رضى الله عنه: هم اليهود، تركوا الصلاة المفروضة، وشربوا الخمر، واستحلوا نكاح الأخت من الأب. وعن إبراهيم ومجاهد رضى الله عنهما: أضاعوها بالتأخير. وينصر الأول قوله:(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ)[مريم: ٦٠]، يعنى: الكفار. وعن علىٍّ رضى الله عنه في قوله:(وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ): من بنى الشديد، وركب المنظور، ولبس المشهور. وعن قتادة:
قوله:(خلفه: إذا عقبه). الراغب: خلف: ضد تقدم وسلف، والمتأخر لقصور منزلته. يقال: له خلفٌ، ولذلك قيل: الخلف: الرديء، والمتأخر لا لقصور منزلته، يقال له: خلفٌ، ويقال: سكت ألفاً ونطق خلفاً. ويقال: تخلف فلانٌ فلاناً: إذا تأخر عنه، وإذا جاء خلف آخر، وإذا قام مقامه، ومصدره الخلافة، وخلف خلافةً، بفتح الخاء، أي: فسد، فهو خالفٌ رديءٌ أحمق، ويعبر عن الرديء ب ((خلف))، نحو:(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ)[مريم: ٥٩].
قوله:(وينصر الأول قوله: (إلاَّ مَن تَابَ وآمَنَ))، أي: ينصر الوجه الأول وهو أن يراد بالقوم: اليهود، وب (أَضَاعُوا الصَّلاةَ) تركوها لا أخروها عن وقتها؛ لأنه لا يقال: آمن، إلا لمن كان كافراً. ويجوز أن يحمل على التغليظ، كما قال تعالى:(مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً ومَن كَفَرَ)[آل عمران: ٩٧]، وبهذا التأويل يحسن قول قتادة: هو في هذه الأمة، أي: هذا الكلام نازلٌ في شأن أمة محمدٍ صلوات الله عليه، ولأن إضاعة الصلاة في مقابلة محافظتها في قوله:(والَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)[المعارج: ٣٤] والمحافظة كما قال: أن لا يسهوا عنها، ويؤدوها في أوقاتها، ويقيموا أركانها، ويوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أن تتم به أوصافها، فإضاعتها ما يضادها.
قوله:(وركب المنظور)، أي: الفرس والبغل لا للجهاد، بل لأجل ما ينظر إليه، قال ابن نباتة: