أي: اجعل لي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به. قال: علامتك أن تمنع الكلام فلا تطيقه، وأنت سليم الجوارح سوىّ الخلق، ما بك خرس ولا بكم. دل ذكر الليالي هنا، والأيام في آل عمران، على أن المنع من الكلام استمر به ثلاثة أيام ولياليهن.
قوله:(أوحى: أشار)، الراغب: الوحيُ: الإشارة السريعة، ولتضمن السرعة قيل: أمرٌ وحي، وذلك يكونُ بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرد، إشارة ببعض الجوارح وبالكتابة، وقد حُمل على ذلك قوله تعالى:(فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) فقد قيل: رمز، وقيل: أشار، وقيل: كتب. وعلى الوجوه المذكورة في قوله:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً)[الأنعام: ١١٢].
قوله:(واحكم كحكم فتاة الحي) تمامه:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت … إلى حمام شراع وارد الثمد
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقد