وأجلتهم في عيون الناظرين إليها، وكسبتهم الجاه والحرمة عند الناس. ونحوه (لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً)، (يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً)] الأعراف: ٢٦ [. فإن قلت: لم قدّمت الإراحة على التسريح؟ قلت: لأنّ الجمال في الإراحة أظهر، إذا أقبلت ملاء البطون حافلة الضروع، ثم أوت إلى الحظائر حاضرة لأهلها. وقرأ عكرمة:(حينا تريحون وحينا تسرحون)، على أن (تُرِيحُونَ) و (تَسْرَحُونَ) وصف للحين. والمعنى: تريحون فيه وتسرحون فيه، كقوله تعالى (يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ)] لقمان: ٢٣ [.
قرئ:(بِشِقِّ الأَنفُسِ)، بكسر الشين وفتحها. وقيل: هما لغتان في معنى المشقة، وبينهما فرق: وهو أن المفتوح مصدر شق الأمر عليه شقا، وحقيقته راجعة إلى الشق الذي هو الصدع. وأما الشق فالنصف، كأنه يذهب نصف قوته لما يناله من الجهد. فإن قلت: ما معنى قوله: (لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ)؟ كأنهم كانوا زمانا يتحملون المشاق في بلوغه حتى حملت الإبل أثقالهم. قلت: معناه وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه
وهو من باب التكميل، ولهذا قال:"وكسبتهم الجاه والحُرمة عند الناس، ومنه قوله:(لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً) " جمع بين الانتفاع والزينة، كما جمع بين ستر العورة والزينة قوله تعالى:(يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً)[الأعراف: ٢٦]، لأن الريش: الجمال والزينة.
قوله:(ملاء البطون)، الجوهري: والملء بالفتح: مصدر قولك: ملأت الإناء، فهو مملوء، والملء بالكسر: اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ، يقال: أعطى ملأه وملأيه، وضرعٌ حافل، أي: ممتلئ لبناً.