للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُجْرِمِينَ) على معنى أنه يلقيه في قلوبهم مكذباً مستهزأ به غير مقبول، كما لو أنزلت بلئيم حاجة فلم يجبك إليها فقلت: كذلك أنزلها باللئام، تعنى مثل هذا الإنزال أنزلها بهم مردودة غير مقضيه. ومحل قوله: (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) النصب على الحال، أي غير مؤمن به، أو هو بيان لقوله (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ). (سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ): طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا برسلهم وبالذكر المنزل عليهم، وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنه تعالى يوجد الباطل في قلوبهم، وقيل: للذكر، فإن الضمير الآخر في قوله: (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) له، وهو: حال من هذا الضمير، والمعنى: مثل ذلك السلك نسلك الذكر في قلوب المجرمين، مُكذباً غير مؤمن به، أو بيان للجملة المتضمنة له، وهذا الاحتجاج ضعيف، إذ لا يلزم من تعاقب الضمائر توافقها في المرجوع إليه ولا يتعين أن تكون الجملة حالاً من الضمير، لجواز أن تكون حالاً من (الْمُجْرِمِينَ)، ولا ينافي كونها مفسرة للمعنى الأول.

قوله: (طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم). روى الإمام عن الزجاج أنه قال: "قد خلت سنة الله في الأولين بأن يسلك الكفر والضلال في قلوبهم".

وقال الإمام: هذا أليق بظاهر اللفظ من ذلك.

وقلت: بيانه أن التعريف في (الْمُجْرِمِينَ) للعهد، والمراد به المكذبون من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم المذكورون بعد قوله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ * وَمَا يَاتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) أي: مثل ذلك السلك الذي سلكناه في قلوب أولئك المستهزئين المكذبين للرسل الماضية، نسلكه في قلوب هؤلاء المكذبين، ثم قرر ذلك وبينه بقوله: (لا يُؤْمِنُونَ)، وذيله بقوله: (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ)، والمقام يقتضي التأكيد والتقرير، لأنه تعالى لما وصف الكتاب بقوله: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) وبالغ

<<  <  ج: ص:  >  >>