لأنه لم يخف على أحد من المكذبين أنه لم يكن من حملة هذا الحديث وأشباهه، ولا لقى فيها أحداً ولا سمع منه. ولم يكن من علم قومه. فإذا أخبر به وقصّ هذا القصص العجيب الذي أعجز حملته ورواته، لم تقع شبهة في أنه ليس منه وأنه من جهة الوحي، فإذا أنكروه تهكم بهم. وقيل لهم: قد علمتم يا مكابرة أنه لم يكن مشاهداً لمن مضى من القرون الخالية. ونحوه:(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ)[القصص: ٤٤]. (وَهُمْ يَمْكُرُونَ) بيوسف ويبغون له الغوائل.
(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ) يريد العموم، كقوله:(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ)[هود: ١٧]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أراد أهل مكة، أي: وما هم بمؤمنين (وَلَوْ حَرَصْتَ) وتهالكت على إيمانهم لتصميمهم على الكفر وعنادهم.
(وَما تَسْئَلُهُمْ) على ما تحدثهم به وتذكرهم أن ينيلوك منفعة وجدوى، كما يعطى حملة الأحاديث والأخبار (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) عظةٌ من الله (لِلْعالَمِينَ) عامةً، وحث على طلب النجاة على لسان رسول من رسله.
قوله:(وقصة هذا القصص)، الضمير في "قصه" للحديث، و"هذا القصص": مفعول مطلق.
قوله:((لِلْعَالَمِينَ) عامة، وحث على طلب النجاة على لسان رسول من رسله)، اعلم أن هذا الكلام إلى آخره بيان لمنافاة طلب الأجر، لأن كونه تذكيراً من الله وموعظة، وكونه عامة للثقلين، وكونه طلباً للنجاة، وكونه رسولاً واحداً من رسله، يأبى أن يطلب من كفار قريش الأجر؛ لأن كونه تذكيراً من الله تعالى لعباده، فلأنه تعالى مستغن عن العالمين، فينافي طلب الأجر من قريش، وكونه عامة للثقلين يبعد أن يطلب الأجر من قريش، وكونه طلباً