ونهى عن كلامنا أيها الثلاثة، فتنكر لنا الناس، ولم يكلمنا أحد من قريب ولا بعيد.
فلما مضت أربعون ليلة أمرنا أن نعتزل نساءنا، ولا نقربهنّ، فلما تمت خمسون ليلة، إذا أنا بنداء من ذروة سلع: أبشر يا كعب بن مالك، فخررت ساجداً، وكنت كما وصفني ربى (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) وتتابعت البشارة، فلبست ثوبي، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون، فقام إلىّ طلحة بن عبيد الله يهرول إلي، حتى صافحني وقال: لتهنك توبة الله عليك،
الكلام، وهو النقصان في الإنسانية والنقصان في الدين، يعني: هو كامل خلقاً ودينا، وذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب" قصته، وليس فيها هذه الزيادة، وقال:"هو أبو خيثمة الأنصاري احد بني سالم بن الخزرج، شهد أُحداً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وبقي إلى أيام يزيد بن معاوية".
قوله:(ونهى عن كلامنا أيها الثلاثة): أي: خصوصاً الثلاثة، كقولهم:"اللهم اغفر لنا أيتها العصابة"، قال أبو سعيد السيرافي: إنه معول فعل محذوف، أي: أريد الثلاثة، وأخص الثلاثة. وخالفه الجمهور، وقالوا:"أي": مُنادى، و"الثلاثة": صفة له، وإنما أوجبوا ذلك لأنه في الأصل كان كذلك، فنُقل إلى الاختصاص، وكُلما نُقل من باب إلى باب، فإعرابه بحسب أصله، كأفعال التعجب.
قوله:(يُهرول إليّ)، النهاية:"الهرولة: ضرب من السير، بين المشي والعدو".