(وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) واعدين الإيمان، كأنهم قالوا: ونحن لا نكذب، ونؤمن على وجه الإثبات. وشبهه سيبويه بقولهم: دعني ولا أعود، بمعنى دعني وأنا لا أعود، تركتني أو لم تتركني، ويجوز أن يكون معطوفاً على (نردّ)، أو حالاً على معنى: يا ليتنا نردّ غير مكذبين وكائنين من المؤمنين، فيدخل تحت حكم التمني.
التقدير: يا ليتنا نرد، ويا ليتنا لا نكذب، ويا ليتنا نكون من المؤمنين، أي: نوفق للتصديق، وألا نكذب. ولا وقف على هذا إلى قوله:"مؤمنين".
قوله:(واعدين الإيمان): حال من فاعل "ابتدؤوا"، أي: ثم ابتدؤوا قائلين: نحن لا نكذب بآيات ربنا، على سبيل الوعد. يقال: كذبه، وكذب به.
قوله:(دعني ولا أعود)، قال صاحب "الإقليد"، وهو كالشرح لكلام ابن الحاجب:"إنما ذكر هذا الرفع، لتعذر النصب والجزم على العطف، أما لانصب فيفسد المعنى، إذ المعنى على هذا: ليجتمع تركك لي وتركي لما تنهاني عنه. وقد علم أن طلب هذا المتأدب لترك المؤدب إياه، إنما هو في الحال بقرينة ما عراه من ألمه بتأديب مؤدبه، وغرض المؤدب الترك لما نهي عنه في المستقبل. ولا يحصل هذا الغرض بترك المتأدب المنهي عنه في الحال، وإنما يحصل بالترك للعود في المستقبل، ولا يستقيم الجزم، لأنه إذا جزم عطف، أدى إلى عطف المعرب على المبني، وهو ممتنع، إذ العطف لاشتراك الشيئين في الإعراب، ولا موضع للأول حتى يحمل عليه.
وأما امتناع الجزم في "ولا أعود"، فلما فيه من عطف الجملة المنهية على الأمرية. فكأنه قال""دعني" ثم شرع في جملةٍ أخرى ناهياً لنفسه عن العود، لأنه لا يلزم من النهي تحقق الامتناع، ولذا لم يأت التناقض في قولك: أنا أنهي نفسي عن كذا في كل وقتٍ ثم أفعله، كما أتى