(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) إن كانت دعواكم للإيمان صحيحة. وقرئ:(هل تستطيع ربك) أي: هل تستطيع سؤال ربك، والمعنى: هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عن سؤاله. والمائدة: الخوان إذا كان عليه الطعام، وهي من مادّه: إذا أعطاه ورفده كأنها تميد من تقدّم إليه. (وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ): نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بني إسرائيل، أو نكون من الشاهدين للَّه بالوحدانية ولك بالنبوّة، عاكفين عليها، على أن (عليها) في موضع الحال،
قوله:(إن كانت دعواكم للإيمان صحيحة)، وقلت: على التأويل الصحيح: واتقوا الله لأنكم مؤمنون، وسيجيء بيان أمثال هذا الشرط في قوله تعالى:{لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} إلى قوله تعالى: {إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً}[الممتحنة: ١].
قوله:(وهي من مادة: إذا أعطاه)، روى الزجاج عن أبي عبيدة: أنها مفعولة، ولفظها فاعلة نحو:{عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}[الحاقة: ٢١]، قال الزجاج: إنها فاعلة من ماد يميد: إذا تحرك، فكأنها تميد بما عليها.
قوله:(على أن {عَلَيْهَا} في موضع الحال) لا يخلو إما أن يكون حالاً من اسم "كان" على رأي من يجوز إعمال "كان" في الحال، كما مر في قوله تعالى:{إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ}[البقرة: ٩٤]، أو أن يكون حالاً من الضمير في الظرف الذي هو خبر "كان"، ولا يجوز الثاني لما يلزم من تقدم الحال على العامل المعنوي، فتعين الأول، قال ابن الحاجب: وقد اختلف في مثل: زيد في الدار قائماً، فجوز بعضهم تقديمه؛ لأن التقدير: استقر، أو: مستقر، وبعضهم يجعلون المقدر نسياً منسياً والظرف هو العامل في المعنى، وهو أرجح؛ لأنه لم يثبت مثل: زيدٌ قائماً في الدار، في فصيح الكلام، ولأنه إذا صار من قبيل المنسي صار في حكم العدم وصارت المعاملة مع النائب عنه، كذلك مذهب