للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الرازي: " إن الآية: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} (١) تبييناً لما تقدم من قوله: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} (٢) أي هو بتقدير الله، لأنه كف أيديهم عنكم بالفرار، وأيديكم عنهم بالرجوع عنهم وتركهم، وقوله تعالى: (بِبَطْنِ مَكَّةَ) إشارة إلى أمر كان هناك يقتضي عدم الكف، ومع ذاك وجد كف الأيدي" (٣).

وقال القاسمي: " قد يقول قائل مؤيداً لاختيار ابن جرير , والتأسيس خير من التأكيد ولك أن تقول: لا مانع من التأكيد، لا سيما في مقام التذكير بالنعم، والتنويه بشأنها. وتكون الآية الثانية بمثابة التفسير للأولى، والتبيين لمطلقها " (٤).

وذكر ابن عاشور أن هذا القول لا يناسبه إطلاق لفظ الناس في غالب مصطلح القرآن (٥) كما يؤكد هذا القول ويقويه القاعدة الترجيحية التالية: (إذا صحّ سبب النزول الصريح فهو مرجح لما وافقه من أوجه التفسير) وقد أخرج أحمد ومسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس - رضي الله عنه -: أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرّة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذهم أسراء , فاستحياهم , فأنزل الله الآية: {وَهُوَ الَّذِي


(١) سورة الفتح، الآية (٢٤).
(٢) سورة الفتح، الآية (٢٢).
(٣) التفسير الكبير / الرازي، ج ١٠، ص ٨١.
(٤) محاسن التأويل / القاسمي، ج ٨، ص ٤٠٠.
(٥) انظر التحرير والتنوير، ج ١٢، ص ١٧٨.

<<  <   >  >>