للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة القائلين بأن الآية محكمة:

إن هذه الآية ليست منسوخة، وما جاء في الآية الأخرى إنما هو من باب الزيادة على النص التي تفيد حكما وهذا ما وضحته الآية " أو يجعل الله لهن سبيلا" , وهنا يمكن الجمع والتوفيق بين هاتين الآيتين وبين قوله تعالى في سورة النور" الزانية والزاني"، وذلك بأن نقول: إن الحكم في الآيتين كان معمولا به إلى غاية , كما قال تعالى: " أو يجعل الله لهن سبيلا " (١).

قال أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن": " لم يحصل النسخ في هذه الآية ولا في هذا الحديث ألبتة، وذلك لأن قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} يدل على أن إمساكهن في البيوت ممدود إلى غاية أن يجعل الله لهن سبيلا , وذلك السبيل كان مجملا، فلما قال - صلى الله عليه وسلم -: " خذوا عني , الثيب ترجم , والبكر تجلد وتنفى " , صار هذا الحديث بياناً لتلك الآية لا ناسخا لها , وصار أيضا مخصصا لعموم قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} (٢) ومن المعلوم أن جعل هذا الحديث بيانا لإحدى الآيتين ومخصصا للآية الأخرى، أولى من الحكم بوقوع النسخ مراراً، وكيف وآية الحبس مجملة قطعا فإنه ليس في الآية ما يدل على أن ذلك السبيل كيف


(١) انظر التحرير والتنوير، ج ٣، ص ٢٧٦.
(٢) سورة النور، الآية (٢).

<<  <   >  >>