للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة من يرى أن الآية ناسخة للأمر الأول وهو ذبح أي بقرة:

قال الجصاص في أحكام القرآن: "يجوز النسخ قبل وقوع الفعل بعد التمكن منه؛ ذلك أن زيادة هذه الصفات في البقرة كل منها قد نسخ ما قبلها؛ لأن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (١) اقتضى ذبح بقرة أيها كانت وعلى أي وجه شاءوا، وقد كانوا متمكنين من ذلك.

فلما قالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} (٢) فقال: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا} (٣) نسخ التخيير الذي أوجبه الأمر الأول في ذبح البقرة الموصوفة بهذه الصفة وذبح غيرها، وقصروا على ما كان منها بهذه الصفة وقيل لهم.

{فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ} (٤) فأبان أنه كان عليهم أن يذبحوا من غير تأخير على هذه الصفة أي لو كانت وعلى أي حال كانت من ذلول أو غيرها، فلما قالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا} (٥) نسخ التخيير الذي كان في ذبح أي لون شاءوا منها وبقي التخيير في الصفة الأخرى من أمرها، فلما راجعوا نسخ ذلك أيضاً وأمروا بذبحها على الصفة التي ذكر واستقر الفرض


(١) سورة البقرة، الآية (٦٧).
(٢) سورة البقرة، الآية (٦٨).
(٣) سورة البقرة، الآية (٦٨).
(٤) سورة البقرة، الآية (٦٧).
(٥) سورة البقرة، الآية (٦٩).

<<  <   >  >>