للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجاب بأن الأرض خلقت قبل السماء وأن الأرض إنما دحيت بعد خلق السماء، وقد تقدم وكذلك أجاب غير واحد من علماء التفسير قديمًا وحديثًا.

وقال الطبري: " والقول الذي ذكرناه عن ابن عباس من أن الله تعالى خلق الأرض، وقدّر فيها أقواتها، ولم يدحها، ثم استوى إلى السماء، فسوّاهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فأخرج منها ماءها ومرعاها، وأرسى جبالها، أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل، لأنه جلّ ثناؤه قال: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} والمعروف من معنى " بَعْدَ " أنه خلاف معنى " قَبْل " وليس في دحوِّ الله الأرض بعد تسويته السماوات السبع، وإغطاشه ليلها، وإخراجه ضحاها، ما يوجب أن تكون الأرض خُلقت بعد خلق السموات لأن الدحوّ إنما هو البسط في كلام العرب، والمدّ يقال منه: دحا يدحو دَحْوا، ودَحيْتُ أدْحي دَحْيا، لغتان (١).

وقال الشنقيطي في معرض تفسيره لقوله تعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} (٢): " اعلم أولاً أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن الجمع بين آية السجدة وآية النازعات، فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولاً قبل السماء غير مدحورة، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعاً في يومين، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وجعل


(١) جامع البيان / الطبري، ج ٣٠، ص ٥٩.
(٢) سورة فصلت، الآية (١٠).

<<  <   >  >>