قال محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي -وذكر أَحمد بن حنبل- فقال: هو عندي أفضل وأفقه من سفيان الثوري، وذلك أن سفيان لم يمتحن من الشدة والبلوى بمثل ما امتحن به أَحمد، ولا عِلْم سفيان ومن تقدم من فقهاء الأَمصار كعِلْم أَحمد بن حنبل؛ لأنه كان أجمع لها، وأَبصر بمتقنهم وغالِطهم وصدوقهم وكذوبهم منه.
ولقد بلغني عن بشر بن الحارث أنه قال: قام أَحمد مقام الأنبياء، وأَحمد عندنا امتحن بالسراءِ والضراءِ، وتداوله أربعة خلفاء، بعضهم بالضراء، وبعضهم بالسراء، فكان فيها مستعصمًا باللَّه عز وجل.
تداوله المأمون والمعتصم والواثق بعضهم بالضرب والحبس، وبعضهم بالإخافة والترهيب، فما كان في هذِه الحال إِلا سليم الدين غير تارك له من أجل ضرب ولا حبس.
ثم امتحن أيام المتوكل بالتكريم والتعظيم، وبسطت الدنيا عليه فما ركن إليها، ولا انتقل عن حالته الأُولى رغبة في الدنيا ولا رغبة في الذكر، فهذِه الحالات لم يمتحن بمثلها سفيان.
ولقد حكي لنا عن المتوكل أَنه قال: إن أَحمد ليمنعنا من بر ولده.