قال عبد اللَّه: حضر قوم من أصحاب الحديث في مجلس أَبي عاصم الضحاك بن مخلد. فقال: أَلا تتفقهون؟ وليس فيكم فقيه، وجعل يذمهم.
فقالوا: فينا رجل. فقال: من هو؟ فقالوا الساعة يجيءُ، فلما جاءَ أَبي، قالوا: قد جاءَ، فنظر إليه فقال له: تقدم. فقال: أكره أن أَتخطى الناس.
فقال أَبو عاصم: هذا من فقهه، وسعوا له، فوسعوا فدخل، فأَجلسه بين يديه، فأَلقى عليه مسأَلة فأَجاب، فأَلقى ثانية فأَجاب، وثالثة فأَجاب، ومسائل فأَجاب. فقال أَبو عاصم: هذا من دواب البحر، ليس هذا من دواب البر، أو: من دواب البر، ليس من دواب البحر.
قال أبو العباس أحمد بن إبراهيم الصوفي: قال لي رجل من أهل العلم -وكان حبرا فاضلا يكنى بأبي جعفر- في العشية التي دفنا فيها أبا عبد اللَّه: تدري من دفنا اليوم؟ قلت: من؟ قال: سادس خمسة.
قلت: من؟ قال: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعمر بن عبد العزيز، وأحمد بن حنبل. قال أبو العباس: فاستحسنت ذلك منه، وعنى بذلك أن كل واحد في زمانه. وقال أبو العباس: من دون أحمد كلهم في ميزان أحمد، كما أن الناس