للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

ومن باب (هَجَرْتُ) قَوْلُ آخَر:

هَجَرْتُ أَخِلَّائِي وَلَازَمْتُ مَنْزِلي ... أُحَرِّرُ شَيَّئًا أَوْ أُطَالِعُ دَفْتَرَا

وَعُذْرِيَ فِي هجْرَانِهِمْ جِدُّ وَاضِحٌ ... لأنَّ مَتَاعِي عِنْدَهُمْ لَيْسَ يُشْتَرَى

وَكَيْفَ أُدَانِيْهِمْ وَأُوثِرُ وَصْلَهُمْ ... وَجَاءَ ذَوِي الأَلْبَابِ فِيْهِمْ كَمَا تَرَى

قَالَ إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيْم: قَالَ لِي الرَّشِيْدُ: مَا أَحْسَنُ مَا قِيْلَ فِي رِيَاضَةِ النَّفْسِ عَلَى هجْرَانِ الحَبِيْبِ؟ فَقُلْتُ قَوْلُ الأَعْرَابِيّ (١):

وَإِنِّي لأَسْتَحِي كَثيْرًا وَأَتَّقِي ... عُيُوْنًا وَسْتَبْقِي المُوَدَّةَ بِالهَجْرِ

وَأَبْدَأُ بِالهُجْرَانِ نَفْسِي أَرُوْضُهَا ... لأَعْلَمَ عِنْدَ الهَجْرِ هَلْ لِيَ مِنْ صَبْرِ

فَقَالَ: هَذَا مَلِيْحٌ وَلَكِنِّي وَاللَّهِ أَسْتَحْسِنُ قَوْلُ الأَعْرَابِيّ الغَزِلِ (٢):

خَشِيْتُ عَلَيْهَا العَيْنَ مِنْ طُوْلِ وَصْلِهَا ... فَهَاجَرْتُهَا يَوْمَيْنِ خَوْفًا مِنَ الهَجْرِ

وَمَا كَانَ هَجْرَي لَهَا عَنْ مَلَالَةٍ ... وَلَكِنِّي جَرَّبْتُ نَفْسِي عَلَى الصَّبْرِ

وَأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ لِغُلَامٍ مِنْ فَزَارَةَ (٣):

وَأُعْرِضُ حَتَّى يَحْسَبَ النَّاس إِنَّمَا ... بِي الهَجْرُ لا وَاللَّهِ مَا بِي لَكَ الهَجْرُ

وَلَكِنْ أَرُوْضُ النَّفْسَ أَنْظُرُ هَلْ لَهَا ... إِذَا فَارَقَتْ يومًا حبّها صَبْرُ

وقول العَبَّاسِ بن الأَحْنَفِ (٤):

أَرُوْضُ عَلَى الهجْرَانِ نَفْسِي لَعَلَّهَا ... تَمَاسَكَ لِي أَسْبَابهَا حِيْنَ أَهجُرُ

وَأَعْلَمُ أَنَّ النَّفْسَ تَكْذِبُ وَعْدَهَا ... إِذَا صَدَقَ الهجْرَانُ يَوْمًا وَتَغْدرُ

وَمَا عَرَضَتْ لِي نَظْرَةٌ مُذْ عَرِفْتُهَا ... فَانْظُرُ إِلَّا مَثَّلْتُ حِيْنَ أَنْظُرُ


(١) البيتان في ديوان المعاني: ١/ ٢٧٤.
(٢) البيتان في ديوان المعاني: ١/ ٢٧٤.
(٣) البيتان في الفاضل: ٢٥ من غير نسبة.
(٤) الأبيات في ديوان العباس بن الأحنف: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>