قَبْلَهُ يُخَاطِبُ مَسلَمَةَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ:
أمسلمَ إنِّي يا ابنَ كُلِّ خَلِيْفَةٍ ... وَيَا فَارِسَ الدُّنْيَا وَيَا جَبَلَ الأرْضِ
شَكَرْتُكَ إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ مِنَ التُّقَى. البَيْتُ، وَبَعْدَهُ:
وَأحْيَيْتَ لِي ذِكْرِي وَمَا كُنْتُ خَامِلًا ... وَلَكِنَّ بَعْضَ الذّكْرِ أنْبَلُ مِنْ بَعِضِ
وَألْقَيْتَ لَمَّا أنْ أتَيْتُكَ زَائِرًا ... عَلَيَّ رِدَاءً سَابِغَ الطُّولِ وَالعَرضِ
٩٠٩٤ - شَكَرتُكَ إِنَّ الشُكْر للَّهِ طَاعَة ... وَمَنْ شَكَر المَعرُوْفَ فَاللَّهُ زائِدُهُ
قَالَ الرَّشِيْدُ لَمَّا سَمِعَ قَوْلُ أَبِي نُخَيْلَةَ هَذَا: هَكَذَا يَكُونُ شِعْرُ الأَشْرَافِ، مَدَحَ صَاحِبَهُ وَلَمْ يَضَعْ مِنْ نَفْسِهِ. وَاسْمُ أَبِي نُخَيْلَةَ الجُّنَيْدُ بن الجُّونِ وَهُوَ مَوْلًى لِبَنِي جُمَانٍ وَدَخَلَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ السَّفَّاحِ وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الإِنْشَادِ فَقَالَ: لَعَنَكَ اللَّهُ ألَسْتَ القَائِلُ فِي مسْلَمَةَ بن عَبْدِ المَلِكِ:
أمسْلمَ إنِّي يَا بنَ كُلِّ خَلِيْقَةٍ. الأبْيَاتُ.
قَالَ الرُّوَاةُ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ حَفْصُ بنُ سُلَيْمَانَ الخَلَّالُ وَسُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ سَيِّدَ الدُّعَاةِ إِلَى الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ فَوَفَدَا عَلَى إبْرَاهِيْم بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عَبْدُ اللَّهِ بن عَبَّاسٍ بِهَدَايَا أهْلُ الدَّعْوَةِ وَكُتُبهُمُ، فَبَيْنَا هُمَا بِفَنَاءِ دَارِ إبْرَاهِيْم رَأيَا أبَا العَبَّاسِ وَأبَا جَعْفَرٍ أخُو إبْرَاهِيْم وَهُمَا صَبيَّانِ طمعا بِضَرْبِ كُرَةٍ فَقَالَ لَهُما أَبُو سَلَمَةَ: إنِّي أنْشَدْتُ صَاحِبِي هَذَا شِعْرًا أسْتَحْسِنُهُ فَلمْ يَرْضَهُ وَقَدْ رَضِيْنَا بِحُكْمِكُمَا فِيْهِ. قَالَا: انْشُدْهُ فَأنْشَدَهُمَا قَوْلُ أَبِي نُخَيْلَةَ: أَمسلمُ. الأبْيَاتُ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: مَنْ قَالَ هَذَا؟ قَالَ: أَبُو نُخَيْلَةَ. فَعَضَّ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَى إصْبَعِهِ ثُمَّ قَالَ: أَأمِنَ هَذَا العَبْدُ أنْ تَدُولَ لِبَنِي هَاشِمٍ دَوْلَةٌ فَيُولغُوا الكِلَابَ دَمَهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو العَبَّاسِ: مَهْ يَا أخِي فَإِنَّهُ يُقَالُ: مَنْ ظَهَرَ غَضَبُهُ ضَعُفَ كَيْدُهُ. ثُمَّ أقْبَلَ العَبَّاسُ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ: هَذَا شِعْرُ أحْمَق فِي أحْمَق، كَيْفَ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ هُوَ فِي سُلْطَانِ غَيْره وَتَبْعٌ لَهُ يَا جَبَلَ الأرْضِ وَهُوَ مَرْسَاهَا وَلَا يَصْلُح أنْ يُخَاطِبُ بِهَذَا مَنْ هُوَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ ثُمَّ أيْنَ تَفخِيْمُهُ وَتَعْظِيْمُهُ مِنْ نَقْصِ اسْمِهِ إِذْ يُنَادِي أمَسلمَ وَهُوَ مَسْلَمَةُ ثُمَّ وَلَّى أَبُو العَبَّاسِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: هَلمَّ يَا أخِي نَلْعَبُ. فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute