للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أهم الشخصيات التي توجَّهت بالنقد للشخصية الإسرائيلية يهوشفاط هركابي، فهو يذهب إلى أن الإسرائيليين يميلون نحو إضفاء طابع ذاتي على عناصر النجاح فيقول: "إن مشكلة إسرائيل ليست سياسية دائماً، وإنما وراء سياسية (ميتاسياسية) وتكمن في تَشوُّه تفكيرها الأساسي: تمجيد الوهم ـ القصور في إدراك أن الواقع تحدَّد بحدود الممكن، وأن ما هو غير واقعي لا يوجد ولن يوجد ـ تمجيد الإدارة الطوعية أو الإرادية كما لو كان هذا كافياً لتحقيق الأهداف. نحن نرفض معطيات الواقع دون أن ندرك أن العدو له إرادة لابد أن تؤخذ في الحسبان، ونضع سياستنا بشكل مجرد، حسب احتياجات الصهيونية كأننا نعيش في فراغ [الأسطورة المعادية للتاريخ] ونتجاهل النظام العالمي والأمن ومتطلباتهما من الآخرين. وكل هذا نابع من ضيق أفق يتعارض مع التاريخ".

هذا الوصف "فقدان الارتباط بالواقع" يبدو أنه "كتالوج" جاهز عند هركابي. فقد ذكر في طي نقده للشخصية العربية أشياء من هذا القبيل. ولكن الطريف هذه المرة أنه لا يكتفي بانتقاد الشخصية الإسرائيلية ولا يكتفي بأن ينسب لها هذا الإغراق في الذاتية والأسطورية وإنما يرى أن الشخصية العربية لا يمكنها أن تسقط في هذه الذاتية المعادية للتاريخ، ويقول: "إن العوامل الموضوعية التي تعبِّر عنها أعداد العرب الهائلة واتساع أرضهم قد أنقذتهم من الاضطرار للجوء للعناصر الذاتية لضمان النجاح! بكل ما يتضمن هذا من تشويه للواقع ... إن الاتجاه العربي هو دائماً نحو التمثل الزمني للعناصر الموضوعية التي تضمن نجاحهم". (وهذه الأقوال تفصلها مسافة شاسعة عما قاله عنا في أواخر الستينيات) .

<<  <  ج: ص:  >  >>