وكانت العسكرية الصهيونية قد نجحت في أن ترسخ في وجدان الإسرائيليين فكرة أن إسرائيل دولة صغيرة تدافع عن نفسها ضد هجمات جيرانها العرب، الأمر الذي أعطى الحروب الصهيونية ضد العرب حتى عام ١٩٦٧ عقلانيتها ومشروعيتها. ولذا، كان يتم تجنيد الشباب الإسرائيلي بنجاح شديد، عن طريق التوجه إلى حسِّهم الأخلاقي والقومي والديني ورغبتهم في البقاء باعتبار أن الدفاع عن الذات رغبة إنسانية أخلاقية مشروعة.
بل إن الأيديولوجية الصهيونية التي تجعل اليهود شعباً مختاراً بالمعنى الحلولي (الديني والعلماني) وتخلع القداسة على كل ممتلكات الدولة، وبخاصة حدودها، خلعت القداسة على الجيش حتى أنه وُصف بأنه القداسة بعينها. وقد وصف بن جوريون الجيش بأنه خير مفسر للتوراة، فمفسر التوراة هو وحده القادر على تعريف حدود إسرائيل. ومن ثم اكتسبت الخدمة العسكرية قداسة خاصة. إلى جانب هذا كانت الخدمة العسكرية السبيل لدخول النخبة الحاكمة. ففي المجتمع الاستيطاني، لابد أن يدفع الفرد ضريبة الدم فيصبح جديراً بالحكم وصنع القرار. ولذا كان يتم تجنيد الشباب الإسرائيلي بنجاح شديد، عن طريق التوجه إلى حسِّهم الأخلاقي والقومي والديني، ورغبتهم في البقاء، باعتبار أن الدفاع عن الذات رغبة إنسانية أخلاقية مشروعة، وباعتبار أن العرب يهددون البقاء الإسرائيلي نفسه (ولذا قيل، عن صدق، إن كل شعب له جيش إلا في إسرائيل فهو جيش له شعب) . ومما دعَّم كل هذه الادعاءات انتصارات إسرائيل المتتالية الحاسمة التي ضمنت للمستوطنين البقاء وتدفق المعونات من الخارج.