ولعل تزايد النسبية الأخلاقية في الولايات المتحدة، وهو أمر يترك أثره بشكل واضح على يهود الولايات المتحدة، وانتماءاتهم الدينية وشبه الدينية واللا دينية المختلفة سيزيد من تصعيد الصراع بين الأرثوذكس وغيرهم. فعلى سبيل المثال، يمكن للمرء تخيل استجابة الحاخامات الأرثوذكس لقيام بعض النساء من الولايات المتحدة بلبس الطاليت وحمل التوراة ومحاولة الصلاة بجوار حائط المبكى والإصرار على أن يرسمن حاخامات. ويمكن للمرء كذلك تخيل موقف المؤسسة الأرثوذكسية من قيام أحد الحاخامات الإصلاحيين بعقد أول قران "ديني" بين زوجين، كلاهما من الذكور، في إسرائيل!
الأزمة السكانية الاستيطانية
Demographic and Settlement Crisis
كان من الممكن أن يتجاوز الكيان الصهيوني كل مظاهر أزمة الهوية ويستوعبها، أو على الأقل كان يمكنه أن يتجاهلها، كما كان يفعل في الماضي، ما دامت المادة البشرية الاستيطانية متوفرة: ففيم تهم قضية الهوية أو التطبيع لو أن الوقود البشري لا يكف عن التدفق نحو آلة الحرب والاستيطان الصهيوني لخلق حقائق جديدة، وأمر واقع جديد؟ ولكن الأمر ليس كذلك، فثمة أزمة سكانية عميقة تجعل من المشروع الصهيوني أكذوبة عقيمة دخلت طريقاً مسدوداً.
ولفهم هذا الجانب من أزمة الصهيونية الاستيطانية، علينا أن نغيِّر المنظور قليلاً ونتحدث لا عن المُستوطَن الصهيوني وحسب، وإنما عن الجماعات اليهودية في الغرب، وخصوصاً في الولايات المتحدة. فالحركة الصهيونية، منذ ظهورها في أواخر القرن الماضي، تعاني أزمة سكانية تتهددها في الصميم. ذلك أن المشروع الصهيوني مشروع استعماري وعد بتقديم المادة البشرية المطلوبة للاستيطان والقتال، ولكن هناك تطورات قد حدثت منذ عام ١٨٨٢ حتى الوقت الحالي هي: