ولذا، يمكن القول بأن أزمة اليهود الشرقيين هي، عن حق، بؤرة أزمات المجتمع الصهيوني، فهي تعبِّر عن أزمة الهوية والأزمة السكانية الاستيطانية وأزمة الإنتاجية والتطبيع، أي أزمة الأيديولوجيا الصهيونية (الاستيطانية) . فإن قنع الشرقيون بموقعهم عند قاعدة الهرم، وتقبلوا الصيغة المراوغة التي تجعلهم يهوداً وطليعة قتالية للشعب اليهودي دون أن يكونوا إشكنازاً ودون أن يشاركوا في صنع القرار بما يتناسب مع عددهم، وزادوا معدلات استهلاكهم دون أن يتحركوا إلى قمة الهرم، فإن أزمة الصهيونية كانت قابلة للحل، وكان من الممكن أن يُقال حينذاك إن هذا شعب يهودي واحد، منتج بطبيعته، له مؤسساته الديموقراطية مثل كل الأمم، ولأمكن الاستمرار في القتل والقتال والاستيطان بالمادة البشرية اليهودية الشرقية تُوجِّهها المادة البشرية اليهودية الغربية، وبذا تستمر الإمبريالية في الدعم والتمويل. ولكن إذا صاح الشرقيون، وبددوا الصمت وملأوا الفراغات، وطالبوا بأن يتحول القول إلى فعل وقالوا: إن كنا شعباً واحداً حقاً، فلمَ لا نشارك في صنع القرار بما يتفق مع نسبتنا العددية، ولمَ لا نصعد نحن أيضاً إلى قمة الهرم، إن صاحوا بذلك فيكون في صياحهم هذا تهديد حقيقي للأوهام الصهيونية.