أ) وأولى المحاولات الإسرائيلية لتأكيد شيء من الاستقلال كان في حادثة جوناثان بولارد وهو موظف أمريكي يهودي تجسَّس على الولايات المتحدة لحساب إسرائيل، وكان رد المؤسسة الأمريكية الحاكمة حاسماً، إذ قُبض على بولارد وأُدخل السجن لمدة عشرين عاماً وأُجري تحقيق في إسرائيل لتحديد المسئولية، كما أن الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة ثارت ثائرتها ضد الدولة الصهيونية. وصرح جيكوب نيوزنر، أهم عالم تلمودي في العالم ومن زعماء يهود الولايات المتحدة، أن يهود أمريكا يؤمنون بأرض ميعاد واحدة هي الولايات المتحدة وأن عاصمتهم هي واشنطن وحسب. بل إن موظفاً مدنياً يهودياً يعمل في وزارة الخارجية الأمريكية منذ ٢٥ عاماً سُحب منه تصريحه الأمني (الذي يمكن بمقتضاه أن يطَّلع على وثائق سرية) لأن ثلاثة من أولاده يعيشون في إسرائيل بعد حادثة بولارد وزيادة الاحتياطات الأمنية (جيرو ساليم بوست ١١ فبراير ١٩٨٩) ، ولو حدث شيء مماثل في أي بلد آخر لاتُهم هذا البلد على الفور بأنه معاد لليهود. ولكن الإعلام الصهيوني لزم الصمت لأن الجميع يعرف أن هذا هو الخط الذي لا يستطيع أحد عبوره، فهو خط إستراتيجي أحمر راسخ واضح. وقد حاول اللوبي الصهيوني أن يستفيد من قرار بوش بالعفو عن المتهمين في قضية إيران ـ كونترا عند انتهاء مدة رئاسته وحاولوا استصدار عفو عن بولارد ولكن الطلب رُفض. وقد رفض كلينتون أيضاً العفو عن بولارد.