للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن دراسة قضية حيوية مثل الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفيتي (سابقاً) في السبعينيات باعتبارها مثلاً مصغراً لتوجهات السياسة السوفيتية، وهل تتحدد هذه السياسة نتيجة ضغط يهودي صهيوني أم نابعة من المصالح السوفيتية؟ ومن المعروف أن قضية اليهود السوفييت "وحقهم" في الهجرة لم تُثر في بداية السبعينيات بضغط من الإعلام أو اللوبي الصهيوني وإنما تم بضغط من الولايات المتحدة (بمساعدة أعضاء الجماعة اليهودية فيها) . وقد سمح السوفييت في نهاية الأمر بهجرة أعداد كبيرة من اليهود بسبب ضغوط بنيوية داخلية: التخلص من عناصر متمردة ساخطة وعناصر تجارية إن لجأ للعنف في ضربها أثار الرأي العام الغربي عليه. كما أن الضغوط الغربية لعبت دوراً حاسماً إذ ربط الغرب بين التسهيلات التجارية والائتمانية الممنوحة للاتحاد السوفيتي من جهة والموقف السوفيتي من الهجرة اليهودية من جهة أخرى. ولكن مع تراجع هذه السياسات توقفت الهجرة لتفتح أبوابها مرة أخرى في أواخر الثمانينيات مع الانفتاح السوفيتي على الغرب ومع رغبته العارمة في الحصول على مساعدات مالية وتكنولوجيا متقدمة، فالقرار قرار سوفيتي اتُخذ استجابة لحاجات سوفيتية داخلية ومطالب غربية، ولا يشكل اليهود في هذه الصفقة سوى المادة التي سيتم نقلها. ومما لا شك فيه أن الإعلام الذي تنشط فيه العناصر اليهودية أو الصهيونية سواء في الاتحاد السوفيتي أو الولايات المتحدة لعب دوراً ملحوظاً، ولكن لا يمكن تفسير سلوك الاتحاد السوفيتي وسماحه بهجرة اليهود السوفييت في السبعينيات ثم وقفه الهجرة في منتصف الثمانينيات ثم فتحه باب الهجرة مرة أخرى في أواخر الثمانينيات إلا في إطار مصالح الاتحاد السوفيتي المتشابكة والضغوط الأمريكية عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>