وهكذا سيترك اليهود أصدقاء مكرمين (تحت رعاية الدول الغربية) . وعندما يعودون لزيارة البلاد التي تركوها، فسوف يستقبلهم أهلها بحفاوة توازي استقبالهم للزوّار الأجانب. وسيتم الاستيطان على النحو التالي: سيذهب أولاً الأكثر فقراً لتأسيس البنية التحتية لزراعة الأرض، سيبنون الطرق والجسور والسكك الحديدية والخطوط اللاسلكية وسيعملون على تنظيم مياه الأنهار ويهيئون لأنفسهم بيوتاً، كل ذلك وفقاً لخطة مدروسة (تضعها جمعية اليهود) . وسيؤدي ذلك إلى تجارة، والتجارة تؤدي بدورها إلى أسواق، والأسواق تجذب مستوطنين جدداً. وبالتالي، فسوف يتبع المهاجرين الفقراء الأوائل هؤلاء الذين هم أعلى منهم درجة (أي الطبقة الوسطى والمموِّلون)
وهناك قضية تتصل بالتوجه الاقتصادي للدولة، فرغم أن الغرب سيرعى المشروع الصهيوني إلا أنه لن يحسم إلا توجُّهه الإستراتيجي. وسيترك للمنظمة الصهيونية (شأنها شأن شركات الاستعمار الاستيطاني) كامل الحرية في الإشراف على الاستيطان، بكل ما يتطلب ذلك من حرية سياسية واقتصادية، حتى يتمكن المستوطنون من التكيف مع وضعهم الفردي. ولذا فإن وصف هرتزل للعملية الاستيطانية وصف شديد التجرد يتجاوز أية تقسيمات طبقية بل يشمل الجميع.