للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الصيغة المقترحة صيغة منفتحة جداً، تركت المجال مفتوحاً لأي شكل من أشكال الإثنية العلمانية أو الدينية أو رفض الإثنية، دينية كانت أم علمانية. ومما سهل الأمور أن الصهيونية الإثنية لا تكترث كثيراً بالنشاطات السياسية أو الاقتصادية أو الاستيطانية، ويقتصر نشاطها على أشكال التعبير، ولذا فإن دعاتها لم يطرحوا برنامجاً سياسياً أو اقتصادياً محدداً. وقد قال آحاد هعام ذات مرة: "إن خلاص إسرائيل سيأتي من خلال الأنبياء وليس من خلال الدبلوماسيين الذين يتفاوضون مع القوى الاستعمارية"، وهي عبارة مضحكة تنم عن جهل المفكر الصهيوني بأبعاد المشروع الصهيوني. فإسرائيل التي يتحدث عنها ليست إسرائيل التي كان يبشر بها هرتزل أو التي يمكن أن تساعد الإمبريالية على بنائها، ولذلك فقد اكتسحه هرتزل تماماً، واضطر هو في نهاية الأمر أن يلحق بالحركة التي أسسها الصحفي النمساوي وأن يقوم بجهود دبلوماسية استعمارية (لا علاقة لها كثيراً بالأنبياء أو حتى الكهنة) وذلك أثناء وجوده في لندن. وفي نهاية الأمر، قدَّم هرتزل لأصحاب الخطاب الإثني أو الصهيونية الإثنية فكرة دولة اليهود، أي الدولة الجيتو.

والواقع أن عبارة «دولة اليهود» (يودين شتات) نفسها كانت تُطلَق على الجيتو في مدينة براغ. وبهذا الشكل، قدَّم لهم هرتزل الإطار الذي يمكن أن تتحقق من خلاله إثنيتهم، وفي هذا إشباع لبعض طموحاتهم.

وفكرة الدولة نفسها تتضمن فكرة الشعب العضوي الذي له إثنيته العضوية المستقلة التي تحتاج إلى إطار مستقل للتعبير عنها. وهي على أية حال فكرة مُتضمَّنة في الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة التي كان يتحرك في إطارها العالم الغربي وكذلك هرتزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>