٣ ـ بعد أن كانت الصهيونية الاستيطانية تطالب بتصفية الجماعات اليهودية في العالم (يهود الدياسبورا) ، أصبح من صالحها بقاء هذه الدياسبورا لتُقدِّم الدعم السياسي والعون المالي للدولة الصهيونية. ولذا، فقد أصبحت الصيغة المراوغة الإطار الوحيد الممكن الذي يمكن من خلاله الاستمرار في العمل والتعايش مع التناقض.
٤ ـ وأخيراً، كُتب للصياغة المراوغة الاستمرار بسبب فشل العرب في التمييز بين التيارات المختلفة داخل الحركة الصهيونية، بل وفشلهم في التمييز بين اليهود الصهاينة واليهود الذين لا يكترثون بالحركة الصهيونية، وبين اليهود الذين يدَّعون الصهيونية على مستوى القول ويتملصون منها على مستوى الفعل، واليهود الذين يناصبونها العداء صراحةً وعلانيةً، قولاً وفعلاً. كما أن فشل العرب في إلحاق هزيمة ضخمة بالكيان الصهيوني (باستثناء الانتفاضة) قد خَلَق تربة خصبة يمكن أن تنمو فيها الأساطير وتترعرع بما في ذلك ادعاء عدم وجود العرب. وتستطيع الصياغات المراوغة أن تستمر دون تحدٍّ، فالإنسان يسائل نفسه بشأن أساطيره وأكاذيبه وخداعه لذاته وللآخرين إن كان هناك ثمن يُدفَع. أما إن ظلت الصياغة المراوغة صالحة للتعامل مع الواقع، فهي ستمنح المرء ما يحتاج إليه من اتزان داخلي وطمأنينة نفسية دون أن يزعجه هذا الواقع، ولذا فبوسعه أن يستمر في استخدامها والترويج لها.