للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عُقد المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرون (١٩٥١) بهدف التوصُّل إلى تعريف للصهيونية يحل محل برنامج بازل. فتقدَّم بعض الصهاينة الاستيطانيين بمشروع قرار يُعرِّف هدف الصهيونية بأنه "خلاص الشعب اليهودي من خلال تجميع المنفيين في أرض إسرائيل" وهي صيغة متشددة لا تتسم بأية هلامية ولا تحوي أية فراغات، ولذا فإنها كانت تهدد بتفجير التناقضات. ولذا، تم التغاضي عنها، واتخذ المؤتمر بدلاً من ذلك قراراً يحدد مهمة الصهيونية بالطريقة المراوغة التالية: "تدعيم دولة إسرائيل، وتجميع المنفيين في أرض إسرائيل، وتأمين وحدة الشعب اليهودي". وبينما تتضمن الصيغة المرفوضة أن الخلاص "لا يكون إلا من خلال الدولة وأن تجميع المنفيين هو الوسيلة الوحيدة للخلاص وأن الشعب اليهودي بأسره هو في المنفى ما دام باقياً خارج إسرائيل"، نرى أن الصيغة المراوغة الجديدة لما سُمِّي «برنامج القدس» تترك الفراغات وتكتفي بسَرْد ثلاث مهمات مستقلة عن بعضها البعض ومتناقضة، فمن سيقوم بدعم دولة إسرائيل يمكنه أن يفعل ذلك من الخارج، أي باعتباره صهيونياً توطينياً، الأمر الذي يعني أنه سيظل صهيونياً سواء هاجر أم لم يهاجر ما دام "يدعم" الدولة الصهيونية. بل إن عبارة «تجميع المنفيين» نفسها عبارة مراوغة، فالمنفى (على ما يبدو) حالة عقلية وليست فعلية. فيهود أمريكا يعتبرون أمريكا وطناً قومياً لا منفى، على عكس يهود روسيا، ومن ثم فإن العبارة تعني تجميع المنفيين من شرق أوربا "بمساعدة المندمجين في غربها". أما وحدة الشعب اليهودي، فهو أمر هلامي عائم غائم إذ يمكن أن يشعر الصهيوني التوطيني بهذه الوحدة ويدافع عنها وهو جالس في غرفته المكيفة في منزله الوثير في أمريكا أو أستراليا. ورغم كل التحولات والتغيرات لا تذكر القرارات الصهيونية العرب بخير أو بشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>