وأهم الخطوات هو تَذكُّر الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة والمُهوَّدة، فهي تشكل الأساس الراسخ والمقولات الثابتة وراء كل الديباجات والحيل البلاغية الأخرى. وعلى الدارس كذلك أن يتذكر كل الحيل والإستراتيجيات البلاغية للخطاب الصهيوني. ويستطيع الدارس بعد ذلك أن يقوم بما نسميه «عملية استنطاق النص» ، أي أن يجعله ينطق بما هو متخف وكامن فيه ولا يُفصح عنه (المسكوت عنه) . فيتم تفكيك العبارات الصهيونية المختلفة وصولاً إلى المقولات الثابتة وراءها، ثم يُعاد تركيب العبارات والنصوص والتصريحات في ضوء هذه المقولات (وعلى كل لم تَعُد هذه المقولات الثابتة أمراً يحتاج للتخمين أو قدح زناد الفكر، فبعد مائة عام من الاستيطان الصهيوني، وبعد حوالي نصف قرن بعد تأسيس الدولة، أصبحت هذه المقولات مسألة واضحة تماماً) .
وسنحاول قراءة بعض قرارات المؤتمرات الصهيونية بالطريقة التي نقترحها، ثم نستنتج ما نتصور أنه المعنى المقصود من خلال عبارات سنضعها بين أقواس معقوفة. وأول هذه القرارات هي قرارات المؤتمر الصهيوني الأول (١٨٩٧) التي تُسمَّى برنامج بازل، وهو يتكون من جملة افتتاحية تحدد الغرض من الحركة الصهيونية، وأربع نقاط تقترح الوسائل اللازمة لتحقيق هذا الغرض.
"تستهدف الصهيونية إنشاء وطن [أي دولة] للشعب اليهودي [أي الفائض اليهودي من شرق أوربا] في فلسطين [أرض الميعاد أو الأرض المقدَّسة أو الأرض ذات الموقع الإستراتيجي] تحت حماية القانون العام [أي بحماية الدول الغربية [".
ويوصي المؤتمر بالوسائل التالية لتحقيق هذا الغرض:
"١ ـ تطوير عملية توطين المزارعين والحرفيين والعمال اليهود في فلسطين [وطَرْد العرب منها] من خلال الأطر المناسبة [أي إقامة استعمار استيطاني يهودي في فلسطين عن طريق المكر أو العنف] .