للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما حركة التمركز حول الأنثى، فهي أمر مختلف تماماً. فهذه الحركة، كما أسلفنا، ليست مسألة حقوق، وإنما هي قراءة للتاريخ، وموقف من اللغة والرموز والجسد، ومن ثم يمكن الحديث عن حركة يهودية للتمركز حول الأنثى تركت أثراً جذرياً في الجماعات اليهودية وفي العقيدة اليهودية، ولَّدت يهودية متمركزة حول الأنثى وُصفت بأنها حركة تحاول تركيب بنية دينية جديدة، تتكون من عناصر يجمعها مفكرو وقيادة الحركة لإعادة بناء اليهودية بطريقة تُرضي الإناث وتفي بحاجاتهن الأنثوية الخاصة. وهذه العناصر مجموعة من الأساطير الشعبية والأفكار الوثنية التي تراكمت داخل التركيب الجيولوجي اليهودي (مثل أسطورة ليليت) ، وهو تركيب جعل دعاة اليهودية المتمركزة حول الأنثى قادرين على توليد نسقهم من داخل النسق الديني نفسه، ذلك لأن هذا التركيب يحوي كل شيء تقريباً، كما أنه يولِّد قابلية عالية لليهودية للتغير حسب الأوضاع والملابسات التاريخية. وقد وصفت جوديت بلاسكو، إحدى مفكرات حركة اليهودية المتمركزة حول الأنثى تلك الحركة بأنها تسعى إلى توسيع نطاق التوراة، ومن ثم فهي تثير الشكوك بشأن نهائية النص التوراتي ومطلقيته، فهي يهودية معادية للمطلق الديني المتجاوز للطبيعة والإنسان، وتطرح بدلاً منه نسقاً يتغيَّر بتغيُّر الملابسات التاريخية والرغبات البشرية، الجماعية والفردية. وهي في هذا لا تختلف كثيراً عن لاهوت موت الإله، حين يموت الإله ويصبح المطلق الوحيد هو حادث الإبادة النازية ليهود أوربا وإنشاء الدولة الصهيونية. وقد صرحت إحدى مفكرات الحركة بأن إعادة النظر في وضع المرأة في سياق العقيدة اليهودية أمر جوهري يُشبه إعادة دراسة المسألة اليهودية في سياق التاريخ العام.

<<  <  ج: ص:  >  >>