وعقيدة الموحدانية نتاج بعض التيارات داخل المسيحية نفسها. وأولى هذه العقائد الإيمان بأن سقوط الإنسان لم يكن كاملاً وأنه يحوي داخله عناصر من الخير، ومن ثم فهو قادر على العمل من أجل الخلاص والوصول إليه من خلال جهده وأعماله الخيرة. وقد حارب القديس أوغسطين ضد بيلاجيوس، الراهب البريطاني (المُتوفي عام ٤٢٠م) الذي ركز اهتمامه على إمكانيات الخير الكامنة داخل النفس البشرية وفي إمكانية خلاص الفرد المسيحي. أما العنصر الثاني فهو رفض التثليث، كما فعل الراهب الإسباني سيرفيتوس الذي لم يرفض عقائد التثليث وحسب بل رفض مقولة الحمل بلا دنس، وأكد أن عقيدة التثليث لا أساس لها في الكتاب المقدَّس وأن الآباء الأوائل لا يعرفون هذه التمييزات وأن مصدرها هو السوفسطائيون اليونان. ومثل هذه الأفكار شجعهتا حركة الاستنارة التي هاجم مفكروها فكرة التثليث وأكدوا أن الإنسان (لأنه كائن طبيعي) لا يحوي داخله شراً، فهو خيِّر بطبيعته.
وقد كانت عقيدة الموحدانية في بدايتها حركة دينية عقلانية جافة، ويمكن تلخيص مبادئها الأساسية فيما يلي:
١ ـ يؤكد الموحدانيون أُبَّوة الإله بدلاً من مقدرته، فالإله أب لكل البشر. وهو يكاد يكون مبدأ عاماً مجرداً كامناً في الطبيعة والإنسان غير مفارق لهما، أي أن الموحدانية تدور في إطار الواحدية الكونية.
٢ ـ ينكر الموحدانيون التثليث ولاهوت (ألوهية) المسيح (مقابل الناسوت) ، فالمسيح ليس ابن الإله وإنما هو بشر، مجرد قائد عظيم، وصَلْبه هو الثمن الذي يدفعه أي قائد عظيم دفاعاً عن مُثُله.
٣ ـ الكتاب المقدَّس كتاب كتبه بشر ومن ثم فهو ليس كتاباً معصوماً ولا يُقرأ باعتباره كتاباً مقدَّساً وإنما باعتباره كتاب موعظة.