تعرَّف دريدا إلى مُستوطن فرنسي آخر في الجزائر هو لويس ألتوسير (في دار المعلمين العليا) الذي كان له أكبر الأثر في دريدا. وألتوسير هو الفيلسوف الذي حاول أن «يُطهِّر» المنظومة الماركسية من أية آثار إنسانية غير مادية لتصبح علماً كاملاً يُسقط الذات الإنسانية وكل بقايا الميتافيزيقا (وقد قتل ألتوسير زوجته عام ١٩٨٠ بأن خنقها ووُضع في مستشفى للأمراض العقلية للمجانين الخطرين) . كما تَعرَّف دريدا كذلك إلى ميشيل فوكوه، أهم استمرار لفلسفة القوة النيتشوية وأحد كبار فلاسفة التفكيك وما بعد الحداثة (وفوكوه شاذ جنسياً، سادي مازوكي، حاول الانتحار عدة مرات ومات بالأيدز عام ١٩٨١ (.
قامت أخت دريدا (حسب روايته) بحبسه وهو صبي في صندوق خشبي كبير على سطح المنزل حيث مكث هناك (حسب قوله)«الدهر كله» . وأثناء ذلك، تصوَّر أنه مات وذهب إلى عالم آخر. ثم أحس بأنه تم خصيه وأنه الإله أوزوريس الذي كان يُقتَل ويُمزَّق إرباً ثم يُعاد جَمْع أعضاء من جسمه (باستثناء قضيبه)(التبعثر والتشتت ومفردات الحلولية الواحدية اليهودية (.
ومن الواضح أن دريدا مهتم، منذ أن بدأ ينشر أعماله، بمشاكل الأصل والبنية والثنائيات وكيف تُختَم الأعمال وعلاقة كل هذه الأمور بالتاريخ والحقيقة والموضوعية العلمية والمعنى. وكان اهتمامه الأكبر هو نفي الميتافيزيقا باعتبارها شكلاً من أشكال الثبات لأن مثل هذا الثبات (من ثم) يشير إلى مفهوم الطبيعة البشرية، وهذا بدوره يشير إلى أصل الإنسان غير المادي (أي أصله الإلهي) الأمر الذي يؤدي إلى التجاوز وظهور المعنى (تيلوس) وأخيراً المطلق (لوجوس) . وكان دريدا يرى أن الحل الوحيد لهذا الوضع هو أن يسقط كل شيء في قبضة الصيرورة، بحيث لا يبقى أي أثر لأي ثبات أو تجاوز أو معنى ويهتز كل شيء ومن ضمن ذلك الإحساس بالعدم نفسه.