للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى البعض أن حماس شوليم للحركة الصهيونية تعبير عن أزمة بعض المثقفين العلمانيين من أصل يهودي الذين نشأوا في بيئة اندماجية وفقدوا الإيمان الديني ولكنهم مع هذا يرفضون فكرة الاندماج وفقدان الهوية ومن ثم يحاولون الاستيلاء على اليهودية ورموزها، فهي شخصيات علمانية فقدت انتماءها الديني اليهودي وتحن له في الوقت نفسه فتظهر اليهودية الإلحادية أو الإثنية التي ليس لها مضمون ديني توحيدي. وهذا ما فعله شوليم مع الغنوص اليهودي، فقد بيَّن أن الغنوص (التاريخ المضاد المظلم) هو التاريخ العقلي وجوهر اليهودية وبذلك تتحول الهرطقة إلى الشريعة.

والصهيونية هي في جوهرها المحاولة نفسها. فالصهاينة يودون الانسلاخ من يهودية المنفى ولكنهم يودون الحفاظ على هوية قومية عضوية (على الطريقة الغربية الألمانية) فنظروا للتاريخ اليهودي وقرروا عدم قبوله في كليته، وبدلاً من ذلك عادوا للمرحلة العبرانية، أي قبل ظهور الأنبياء وظهور اليهودية حيث كان اليهود لا يزالون عبرانيين وشعباً وثنياً لم تُضعف القيم الأخلاقية التوحيدية إرادته بعد. ونادى الصهاينة بأن هذا هو التاريخ اليهودي الحقيقي وأن وثنية مرحلة ما قبل الأنبياء هي اليهودية الحقيقية، وأسست الحركة الصهيونية دولة تبعث هذا التاريخ المضاد. وهكذا تتحول الهرطقة إلى الشريعة في شكل دولة تزعم أنها ليست دولة بعض اليهود وحسب أو حتى كل اليهود وإنما دولة يهودية!

من أهم مؤلفات شوليم الاتجاهات الأساسية في التصوف اليهودي (١٩٦١) حيث يبيِّن أن كتاب الزوهار لم يُكتَب في العصور القديمة (كما كان هو نفسه يظن) وإنما كُتب في القرن الثالث عشر. ومن مؤلفاته الأخرى الفكرة المشيحانية في اليهودية ومقالات أخرى (١٩٧١) . كما كتب شوليم سيرته الذاتية بعنوان من برلين إلى القدس (١٩٨١ (.

جاك دريدا (١٩٣٠ (-

Jacques Derrida

<<  <  ج: ص:  >  >>