الهرمنيوطيقا المهرطقة (حسب تصوُّر دعاة ما بعد الحداثة من أعضاء الجماعات اليهودية وغيرهم) تعبير عن رغبة اليهود في الانتقام لأنفسهم بسب ما حاق بهم من كوارث تاريخية وبسبب حالة النفي والتبعثر التي يعيشونها وعملية الإحلال التي فُرضت عليهم. إنها محاولة اليهودي الانتقام من العالم اليوناني المسيحي الذي يزعم أن العالم يدور حول اللوجوس وحول نقطة ثبات نهائية، ولكن هذا العالم الذي يبحث عن الثبات قام باقتلاع اليهود وفَرَض عليهم النفي والتحول والصيرورة. ولذا، فهم رداً على ذلك، يفرضون على النص المقدَّس «التفسير» و «سوء القراءة» المتعمد، الذي هو في واقع الأمر تفكيك وتقويض له وفرض الصيرورة عليه. ولكن التفسير المهرطق، رغم هرطقته، يدَّعي أنه هو نفسه النص المقدَّس حتى يتسنى له أن يحل محله، أي أنها مؤامرة تتم من الداخل باسم التفسير، وهي في واقع الأمر تقويض: إنها فرض اللامعنى باعتباره المعنى، وفرض الظلام باعتباره النور، وفرض الهرطقة باعتبارها الشريعة؛ إنها عملية قلب كامل للمعنى تتم بهدوء ومن خلال الخديعة.
ولكن الهرمنيوطيقا المهرطقة لم تكن مقصورة على الكتاب المقدَّس المسيحي/اليهودي إذ قام اليهود بتوجيه الهرمنيوطيقا المهرطقة إلى عالم الأغيار الدنيوي أيضاً واستخدموا الخديعة نفسها على الطريقة المارانية التي تجعل اليهودي يظهر غير ما يبطن. وهذا ما يفعله اليهود، فهم في محاولة ضرب أعدائهم ادعوا أنهم يقومون بعملية تفسير للتراث الإنساني، لا أكثر ولا أقل. ولكنهم في واقع الأمر يقومون بعملية تقويض جذرية، الهدف منها البقاء الفكري لليهود وتحقيق شيء من الهيمنة.