وذهب القرضاوي وغيره إلى أنه لا يحق للمسلم أن يُحاسب غير المسلم على معتقداته حتى ولو كان كافراً. وفضلاً عن إباحة زواج المسلم بكتابية فإن علي عبد الواحد وافي يرى أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته الكتابية من أداء عباداتها وشعائرها، بل إن بعض المذاهب ترى أنه ينبغي له أن يصحبها إلى حيث تؤدي هذه العبادات في كنيستها أو بيعتها إذا رغبت في ذلك.
ويوضح الشيخ محمد الغزالي أن الإسلام لم يفرض على الكتابيين ترك أديانهم، بل طالبهم ـ ماداموا يؤثرون دينهم القديم ـ أن يدعوا الإسلام وشأنه، يعتنقه من يعتنقه دون تَهجُّم مر أو جدل يسيء. بل إن الإسلام كفل في الحرية الدينية لأهل الكتاب حرية إقامة الشعائر في أماكن عبادتهم، وحقهم في تجديد ما تَهدَّم منها، وبناء الجديد منها، ودق نواقيسهم إيذاناً بصلاتهم، بل لهم إخراج صلبانهم في يوم عيدهم.
وبالنسبة لبناء الكنائس ودور العبادة، أورد الشيخ القرضاوي عهد عمر بتأمين الكنائس القائمة وقت الفتح الإسلامي، ثم أورد عهد خالد "لهم أن يضربوا نواقيسهم في أية ساعة شاءوا من ليل أو نهار إلا في أوقات الصلاة، وأن يُخرجوا الصلبان في أيام عيدهم". وذكر بشأن بناء الكنائس الجديدة أن من فقهاء المسلمين من يجيزها في الأمصار الإسلامية، وحتى في البلاد التي فتحها المسلمون عنوة، "إذا أذن لهم إمام المسلمين بناء على مصلحة رآها"، وذلك على مذهب الزيدية وابن قاسم. وأورد أمثلة من مصر، وما ذكره المقريزي "وجميع كنائس القاهرة المذكورة محدثة في الإسلام بلا خوف".