للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذمة ذُكرت في القرآن الكريم مرتين في سورة التوبة (الآيتين ٨ ـ ١٠) اللتين أكدتا أن وضع الغلبة إذا كان من نصيب المشركين فإنهم لن يرقبوا في مؤمنٍّ إلاًّ ولا ذمة.

وتعبير «الذمة» كان أحد مفردات الخطاب العربي قبل الإسلام، حيث كانت عقود الذمة والأمان صنيعة التعايش الذي صادف سمات في الشخصية العربية. فقد عرف العرب من قديم التناصر بالجوار، بما يسمونه «عقد الجوار أو الذمة» . وكانت رعاية الجوار عندهم من مقتضيات شهامة العربي. وكان على المجير أن يحمي الجار أو المستجير ويقاتل عنه، ويطلب حقه، ويمنعه ويمنع أهله مما يمنع منه نفسه وأهله وولده. فمسألة الذمة كانت حالة تعاهدية تعارف عليها عرب الجاهلية.

واللفظ اصطلاحاً ظهر مع استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها الحديث الشريف: "من آذى ذمياً فأنا خصمه"، وقوله (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الوداع: "أوصيكم بأهل ذمتي خيراً". ومن خلال هذه الصيغة دخل تعبير «أهل الذمة» قاموس التخاطب مع غير المسلمين سواء في الممارسات أو في كتب الفقه. ويضع الفقه الإسلامي «الذميَّ» مقابل «المسلم» من جهة، ومقابل «المشرك» من جهة. كما يوضع «الذمي» مقابل «الحربي» ، وهو «الكتابي الذي يعيش في دار الحرب» ، ومقابل «المُستأْمَن» ، وهو «الكتابي الذي يأتي لدار الإسلام للاتجار أو الزيارة فيُعطَى الأمان ويُصرَّح له بالعيش لمدة محددة» . وأصبح تعريف عقد الذمة (المستقر في كتب الفقه المختلفة) أنه عقد يصير غير المسلم بمقتضاه في ذمة المسلمين، أي في عهدهم وأمانهم على وجه التأبيد، وله الإقامة في دار الإسلام على وجه الدوام.

<<  <  ج: ص:  >  >>