للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ ـ تُوظَّف النماذج الاختزالية في بث الهزيمة والرعب في قلب العرب، كما حدث في حكاية جريمة العصر، وكما يحدث في بعض الدراسات العربية التي تجعل همها توثيق قوة العدو دون أن تشير إلى جوانب أخرى، وكما حدث في النظريات التآمرية التي ترى أن اليهود قادرون على كل شيء فهم قوة عجائبية وظاهرة خرافية من المستحيل ضربها وإلحاق الهزيمة بها. ولذا، فإن الصهاينة يروجون النموذج الاختزالي العلمي التآمري إذ أن من صالحهم تضخيم دور اليهود عبر التاريخ والمبالغة في قدرات الدولة الصهيونية في كل المجالات، فهذا يُكسبهم شرعية غير عادية في عالم يؤمن بالنجاح والحلول العملية. ولعل كثيراً من الكتب التي تُنشَر تحت شعار «اعرف عدوك» تهدف إلى بث الرعب في نفوسنا عن طريق توفير بعض المعلومات الصلبة التي تؤكد أن العدو لا يُقهَر (وحجب غيرها من المعلومات) . وعندي إحساس عميق بأن المخابرات الإسرائيلية قد ساهمت في نشرها تماماً كما تساهم في نشر البروتوكولات. ويجب أن نتذكر أن كثيراً من الدول الكبرى تبني أسلحة ولا تستخدمها لمجرد أن تبث الرعب في قلب أعدائها. بل إنها أحياناً تلوح بمقدرتها على إنتاج سلاح ما دون أن تفعل لتدعم موقفها التفاوضي. واصطلاح «توازن الرعب» يعني أن توليد الرعب في قلب العدو هو أحد الأهداف الأساسية في الحروب وهي مسألة يُحسَب حسابها. والاختزالية العلمية المادية والتآمرية تنجز هذا بالنسبة للصهاينة دون جهد من جانبهم. وبعد قليل سيكون بوسع المتلقي الموضوعي أن يستخلص بنفسه النتائج، ويرى أن الواقعية تدعو لقبول العدو وأن الرؤية العلمية تؤيد الاستسلام والإذعان له، فهو عدو لا يُقهَر، ومن هو هذا الأحمق (المثالي وغير العلمي) الذي يريد أن يضرب برأسه في الحجر الصلب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>