ولكن الشاعر، مع هذا، قرأ عديداً من الكتب الأدبية والفكرية العالمية. ومن بين قراءاته، نجد قصص جول فيرن وألكسندر دوماس والإلياذة والأوديسة وأعمال جيته ونيتشه، جنباً إلى جنب مع التوراة والتلمود والكتب الدينية اليهودية. درس تشرنحوفسكي الطب في ألمانيا، وتزوج من سيدة روسية مسيحية من أصل أرستقراطي تقية ورعة متمسكة بأهداب دينها وتعاليمه. وبعد أن انتهى من دراسته، توجه إلى روسيا حيث مارس مهنته هناك بعد طول عناء. ولكن وضعه الطبقي تدهور، بنشوب الثورة البلشفية، وهو ما اضطره إلى الهجرة. وقد حاول تشرنحوفسكي جاهداً الحصول على وظيفة طبيب في فلسطين، ولكنه لم يفلح، فهاجر إلى برلين. وتصف قصيدته المعنونة «الماء الآسن» الآلام الروحية والجسدية لمثقف فقد مكانته بسبب النظام الاجتماعي الجديد، ولكنه يظل مع هذا يحلم بالماضي السعيد. ولم يستقر تشرنحوفسكي في فلسطين (عام ١٩٣١) إلا بعد أن حصل على وظيفة طبيب. وهناك أيَّد الغزوة الصهيونية، كما أسهم في الدعاية الصهيونية بشكل واضح. ولكنه، رغم ذلك، كانت تمر به لحظات يخامره فيها الشك فيما يفعل على نحو ما صوَّر في قصيدة «ليس لي شيء يخصني» .