للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفلام وودي ألين الأخيرة تتناول الموضوعات نفسها بشكل أكثر عمقاً وظلمة. ففيلم «رصاص فوق برودواي» (١٩٩٤) يطرح السؤال التالي: هل من حق الفنان (هل من حق أي إنسان) أن يكون له عالمه الأخلاقي المستقل، أي أن يحكم على العالم بقيمه هو، دون مرجعية إنسانية مشتركة؟ ويدور الفيلم في عالمين: عالم المسرح وعالم المافيا وتربط بينهما شخصية عضو المافيا الذي يؤمن إيماناً مطلقاً بالفن يَجُبُّ أي التزام آخر (بما في ذلك الالتزام الخلقي تجاه البشر) والذي يعرف خبايا فن المسرح ويُقدِّره حق قدره. هذا المجرم، الفنان يقوم بحراسة ممثلة من الدرجة الرابعة، تعمل في ملهى ليلي ولكنها تتطلع للشهرة. وتنجح في الحصول على دور ثانوي في مسرحية يقوم عشيقها زعيم المافيا بتمويلها إرضاءً لها حتى يوفر لها دوراً فيها. ويتدخل الحارس الفنان تدريجياً أثناء البروفات فيُعيد صياغة حدث هنا وعبارة هناك في النص المسرحي، إلى أن يصبح عملاً جيداً. ولكنه يدرك تماماً أن الممثلة، عشيقة زعيم المافيا، ستُفسد العرض، وتدمر العمل الفني. وانطلاقاً من ولائه المطلق للقيم الجمالية يقوم بإطلاق الرصاص عليها. وهنا يُدرك الكاتب الأصلي للمسرحية التضمينات اللا إنسانية لهذا الالتزام النيتشوي بالفن، فيرفضه ويعود لصديقته ليحيا حياةً إنسانية سوية بعد أن كان قد هجرها لينطلق في عالم الفن.

<<  <  ج: ص:  >  >>