يتَّسم موقف نيتشه من اليهود بالغموض، فهناك رأي يذهب إلى أنه كان معادياً لليهود. ومما ساعد على تدعيم هذا الرأي أن أخته إليزابيث ـ التي نفذت وصيته الأدبية ـ كانت متزوجة من برنارد فوستر وهو من أهم الداعين إلى معاداة اليهود. بل يُقال إن إليزابيث زيَّفت بعض خطابات نيتشه لتشيع هذه الصورة عنه. لكن مما لا شك فيه أن أعمال نيتشه تحتوي على إشارات لليهود واليهودية تحمل دلالات سلبية. وينبع سخطه على اليهودية بالدرجة الأولى من تصوره أن اليهودية هي أحد أشكال أخلاق الضعفاء. فعندما فقد اليهود دولتهم ولاقوا الاضطهاد وحُرموا من حريتهم في العالم الروماني، تجمَّع لديهم شعور مكبوت بالإساءة وصل إلى أقصى درجات غليانه فوُلدت المسيحية من رحم اليهودية، فهي ديانة التواضع والضعف والعبودية. وأخلاقيات المسيحية ألحقت ضرراً بالغاً بالحضارة الغربية الوثنية، ولكن القيم الأرستقراطية ثارت من جديد في عصر النهضة التي عارض رجالها القيم المسيحية التي سادت في العصور الوسطى. ثم عاد الإصلاح الديني يحاول أن يفرض أخلاق العبيد مرة أخرى، وهذا ما حاولته الثورة الفرنسية بعد ذلك. ووسط ثورة العبيد الأخيرة هذه، ظهر المثل الأعلى القديم مرة أخرى: نابليون. وبسقوطه سقط آخر شعاع نور صادر عن قيم السادة.