للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أصبحت الجماعات اليهودية، بعد انتشارها في العالم، ولاسيما العالم الغربي، جماعات وظيفية. وقد نجم عن ذلك أن أعضاءها أصبحوا عنصراً متحركاً لا يدين بالولاء لأحد، وأصبحت ثمة قابلية لأن يتم تجنيد الجواسيس من صفوفهم بسهولة، خصوصاً أنهم تواجدوا في المناطق الحدودية. وقد قام قمبيز، حسبما جاء في تاريخ هيرودوت، بإرسال جواسيس يهود إلى مصر قبل أن يقوم بغزوها ليأتوه بالمعلومات. وأدَّى انتشار الجماعات اليهودية إلى قيام شبكة اتصالات يهودية لا تقوم بتسهيل عملية تبادل البضائع والأموال وحسب، وإنما تقوم أيضاً بتوصيل المعلومات بسرعة. وقد استفاد من ذلك يهود البلاط، في القرن السابع عشر، في الحصول على المعلومات وتوصيلها إلى الحكومات التي يدينون لها بالولاء. وقد حاول أوليفر كرومويل الاستفادة من هذه الشبكة لا على المستوى التجاري وحسب وإنما على المستوى المعلوماتي أيضاً، إذ كان يفكر في توظيف اليهود ليعملوا له كجواسيس.

ويبدو أن نابليون قد فكر في توظيف اليهود ليعملوا جواسيس لحسابه (وقد أخبر هرتزل ملك إيطاليا بهذه الحقيقة) . وإبَّان غزو نابليون لروسيا، جند نابليون بعض اليهود للتجسس لحسابه، لكن أغلبية اليهود تجسسوا عليه لحساب الحكومة القيصرية لأن المؤسسة الدينية كانت تعتبره عدوها الأكبر.

وإبَّان الحرب الفرنسية الألمانية، كانت الاستخبارات الفرنسية تجند يهود الألزاس واللورين الذين يعرفون الألمانية ليتجسسوا لحساب فرنسا. وقد اتُهم دريفوس، وهو من أصل ألزاسي، بأنه يتجسس لحساب ألمانيا. بل وكان هرتزل يود، ضمن مخططه الصهيوني، أن يحوِّل يهود العالم إلى عملاء لبريطانيا العظمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>