للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت كل الجيوش المتحاربة تحتاج إلى خدمات أعضاء الجماعات اليهودية، ولذا لم يمسهم أي من الأطراف المتنازعة بأذى، بل كانت القوى المنتصرة تمنحهم منازل المهزومين أحياناً. ويقول المؤرخ البريطاني اليهودي إسرائيل ولفسون: «إنها حقيقة تاريخية أن يهود أوربا آنذاك استفادوا بالحرب من كل من الطرفين المتنازعين، فبينما كان يتم تمزيق ألمانيا وتدميرها كانوا هم يستفيدون ويراكمون الثروات» . ويُلاحَظ أن هذه الحقيقة صارت جزءاً من الدعاية النازية ضد اليهود، فهم أغنياء حرب ومستفيدون منها. لكن العنصرية النازية لا تكمن في تقرير الواقعة في حد ذاتها وإنما في نزعها من سياقها التاريخي، فقد استفاد أعضاء الجماعات اليهودية لا بسبب طبيعتهم الإنسانية الخاصة وإنما بسبب طبيعة وضعهم بوصفهم جماعة وظيفية وسيطة تلعب دوراً أساسياً ومطلوباً داخل المجتمع. وقد استفادت الجيوش المتحاربة من اليهود بأشكال أخرى، إذ كانت تحوِّل أعضاء الجماعة إلى جواسيس وتستفيد من الشبكة التجارية في توصيل المعلومات. كما كان بوسع شبكة يهود البلاط الممتدة عبر أوربا إلى الشام والتي تملك قاعدة من صغار المموِّلين وكبار وصغار التجار الذين تربطهم علاقة وثيقة بالآلاف من صغار الباعة الجائلين الموجودين في عشرات الجيتوات، أن تدبر أية كمية من المعادن النفيسة التي يحتاجها أحد الجيوش.

<<  <  ج: ص:  >  >>