للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكننا الآن الدخول إلى العصر الحديث، لنقول إن كثيراً من أساطير وديباجات الاستيطان الغربي وُلدت مع الإصلاح الديني البروتستانتي. وقد ظهرت الأسطورة الاسترجاعية التي تذهب إلى أن الخلاص لن يتحقق إلا بعودة اليهود إلى صهيون كجماعة وظيفية استيطانية دينية يسهم توطينها في صهيون في الإسراع بعملية الخلاص. وبالتدريج، مع تَطوُّر مراحل الإمبريالية الغربية من الأطوار المركنتالية الأولى إلى المراحل التالية (المرحلة الصناعية وغيرها) ، أخذت معالم الأسطورة تتكشف وتتحدد بحيث تحولت صهيون إلى فلسطين البلد الواقع في وسط بلاد الشرق ويطل على بوابات مصر والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وقناة السويس (بعد افتتاحها) . وبدأ اليهود يتحولون من شعب مقدَّس أو شعب شاهد أو شعب منبوذ إلى جماعة وظيفية تجارية وقتالية نشطة. وبعد سنوات طويلة من المقاومة والرفض من جانب أعضاء الجماعات اليهودية، تلقفت الحركة الصهيونية الأسطورة وتحولت من أسطورة بروتستانتية إلى أسطورة يهودية. وهكذا أصبحت صهيون المكان الذي تَخرُج منه جيوش المستوطنين اليهود «حالوتسيم» الذين يسيرون في المقدمة مسلحين أمام الرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>