للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن موقف أينشتاين هذا لم يكن نهائياً، وربما كان تعبيراً عن عدم نضج سياسي، إذ عَدَل عن هذه المواقف فيما بعد، فقد صرح بأن القومية مرض طفولي، وبأن الطبيعة الأصلية لليهودية تتعارض مع فكرة إنشاء دولة يهودية ذات حدود وجيش وسلطة دنيوية. وأعرب عن مخاوفه من الضرر الداخلي الذي ستتكبده اليهودية، إذا تم تنفيذ البرنامج الصهيوني، فقال: «إن اليهود الحاليين ليسوا هم اليهود الذين عاشوا في فترة الحشمونيين» ، وفي هذا رَفْض للفكر الصهيوني ولفكرة التاريخ اليهودي الواحد. ثم أشار إلى أن «العودة إلى فكرة الأمة، بالمعنى السياسي لهذه الكلمة، هي تَحوُّل عن الرسالة الحقيقية للرسل والأنبياء» . ولهذا السبب، وفي العام نفسه، فسَّر انتماءاته الصهيونية وفقاً لأسس ثقافية، فصرح بأن قيمة الصهيونية بالنسبة إليه تكمن أساساً في «تأثيرها التعليمي والتوحيدي على اليهود في مختلف الدول» . وهذا تصريح ينطوي على الإيمان بضرورة الحفاظ على الجماعات اليهودية المنتشرة في أرجاء العالم وعلى تراثها، كما يشير إلى إمكانية التعايش بين اليهود وغير اليهود في كل أرجاء العالم. وفي عام ١٩٤٦، مَثل أمام اللجنة الأنجلو أمريكية وأعرب عن عدم رضاه عن فكرة الدولة اليهودية، وأضاف قائلاً: «كنت ضد هذه الفكرة دائماً» . وهذه مُبالَغة من جانبه حيث إنه، كما أشرنا من قبل، أدلى بتصريحات تحمل معنى التأييد الكامل لفكرة القومية اليهودية على أساس عرْقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>