للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ ـ ويمكن أن نضيف إلى هذا أن اليهود كانوا يشكلون جماعة وظيفية وسيطة في المجتمع الغربي لعدة قرون، فأصبحت سمات الجماعة الوظيفية من سماتهم الأساسية. ويوجد أعضاء هذه الجماعات داخل المجتمع وخارجه في وقت واحد، فهم على هامشه لا يخضعون لقوانينه، ولكن عليهم التعامل معه، ولذا كان عليهم أن يفهموا هذه القوانين، حيث إن علاقاتهم بالمجتمع علاقات موضوعية غير حميمة، فهم ينظرون إلى المجتمع بطريقة تحليلية تفكيكية تعاقدية نقدية، وخصوصاً أنهم من القرب بحيث يمكنهم فهم آلياته، كما أنهم بعيدون بقدر يُمكِّنهم من الاحتفاظ بالمسافة النقدية. وأعضاء الجماعات الوظيفية هم من أولى القطاعات في المجتمع التي تتم علمنتها وتجريدها من القداسة، وصبغها بالصبغة الموضوعية. وبالتالي، فإن أعضاء الجماعات الوظيفية الوسيطة هم أول من يحمل الفكر العلماني النفعي الدنيوي وينشره ويذيعه.

٤ ـ يُقال إن النزعة المشيحانيّة عند اليهود، والتي أخذت شكلاً علمانياً عند المثقفين اليهود الغربيين، تساهم في إضعاف الأواصر التي تربط بين اليهودي وبين المعطيات التاريخية والاجتماعية، الأمر الذي يجعله أكثر رفضاً للمجتمعات التي يوجد فيها، وأشد عمقاً في نقده لها، وأكثر موضوعية. ويُلاحَظ أن المثقفين اليهود من أكثر العناصر تطرفاً في الحركات الثورية والفوضوية والعدمية (تروتسكي ـ روزا لوكسمبورج ... إلخ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>