٢ ـ يُلاحَظ أن علمنة النخب اليهودية (قيادات اليهود الثقافية) تمت بسرعة فائقة وبشكل كامل وجذري، كما تمت علمنة الجماهير اليهودية بشكل كامل وقاس وفجائي ومخطط من قبَل الدول المطلقة المختلفة (الدولة الفرنسية أو النمساوية أو الروسية) . واستمرت هذه العملية حتى بعد أن حكمت هذه الدول نظم ليبرالية أو ثورية. وقد أدَّى هذا إلى انقطاع واضح بين انتمائهم الديني وتراثهم من ناحية، ووجودهم في العصر الحديث من الناحية الأخرى، ولذا فإنهم لم يحتفظوا بقيمهم الدينية التقليدية إلى جانب الرؤية العلمانية التي اكتسبوها. ويُلاحَظ كذلك أنهم لم يحتفظوا بأية رواسب دينية من خلال الرموز العلمانية ذات الأصول المسيحية، إذ أنهم لا يشتركون أصلاً في هذه الرموز باعتبارهم يهوداً. كما أن غالبية أعضاء الجماعات اليهودية في غرب أوربا وجميع يهود الولايات المتحدة وكندا وأمريكا اللاتينية، عناصر مهاجرة، وبالتالي فهم عناصر حركية متحررة من القيم والمطلقات تبحث عن الحراك الاجتماعي.