قال:(وإن حلف لا يكلمه حيناً فذلك ستة أشهر نص عليه. وإن قال: زمناً أو دهراً أو بعيداً أو ملياً رجع إلى أقل ما يتناوله اللفظ. وإن قال: عمُراً احتمل ذلك، واحتمل أن يكون أربعين عاماً، وقال القاضي: هذه الألفاظ كلها مثل: الحين إلا بعيداً أو ملياً فإنه على أكثر من شهر. وإن قال: الأبد والدهر فذلك على الزمان كله).
أما كون حين ستة أشهر؛ فلأن الحين المطلق من كلام الحالف يحمل على الحين المطلق من كلام الله، والحين المطلق من كلام الله يراد به ذلك. فيجب أن يحمل كلام الحالف عليه.
فإن قيل: حين يطلق ويراد به السنة؛ كقوله تعالى:{تؤتي أكلها كل حين}[إبراهيم: ٢٥]، ويطلق ويراد به يوم القيامة؛ كقوله تعالى:{ولتعلمن نبأه بعد حين}[ص: ٨٨]، ويطلق ويراد به ساعة {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}[الروم: ١٧]. ويقال في العرف: أتيتك مذ حين وإن كنت قد أتيته من ساعة، ويطلق ويراد به مدة طويلة؛ كقوله تعالى:{فذرهم في غمرتهم حتى حين}[المؤمنون: ٥٤].
قيل: لا نزاع في صحة الإطلاق وإرادة جميع ما ذكر لكن الكلام في الإطلاق الخالي عن الإرادة، وغالب ما يُستعمل في ستة أشهر. فوجب حمل الكلام عليه؛ لغلبته.
وأما قوله تعالى:{تؤتي أكلها كلَّ حين}[إبراهيم: ٢٥] فقال عكرمة وسعيد ابن جبير وأبو عبيدة: هو ستة أشهر.
وأما كون زمناً ودهراً يرجع فيهما إلى أقل ما يتناوله اللفظ على قول غير القاضي؛ فلأن ما زاد عليه مشكوك في إرادته والأصل عدمه.
وأما كونهما مثل الحين على قول القاضي؛ فلمشاركتهما له في المعنى.
وأما كون بعيداً أو ملياً يرجع فيهما إلى أقل ما يتناوله اللفظ على قول غير القاضي؛ فلما ذكر في " حين ".