تركه. بدليل أنه يقال: وهبه ولم يقبل هبته، ووصى له ولم يقبل وصيته، وتصدَّق عليه ولم يقبل صدقته.
وأما كون من حلف لا يتصدق عليه فوهبه لا يحنث؛ فلأنه لا يلزم من المنع من الصدقة المنع من الهبة. بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم ممنوع من الصدقة غير ممنوع من الهبة له.
وأما كون من حلف لا يهبه فتصدَّق عليه يحنث عند غير أبي الخطاب؛ فلأنه يلزمه من المنع من الهبة المنع من الصدقة.
ولأن المتصدق بشيء يقال: وهب ذلك الشيء.
وأما كونه لا يحنث عند أبي الخطاب فكما لو حلف لا يتصدق عليه فوهبه.
فإن قيل: في أي موضع قال أبو الخطاب ذلك؟
قيل: هنا في قوله بعد: إلا عند أبي الخطاب فيهما أي في العارية والهبة.
وأما كون من حلف لا يهبه فأعاره لا يحنث؛ فلأن الهبة تمليك والعارية إباحة.
وأما كونه يحنث عنده؛ فلأن العارية هبة المنفعة، وهي قائمة مقام هبة العين. بدليل صحة مقابلة المنفعة بالعوض؛ كالعين.
وأما كون من حلف لا يهبه فوقف عليه يحنث؛ فلأن الوقف على المعين في العُرف هبة.
وقال المصنف رحمه الله في المغني: ويحتمل أن يخرّج ذلك على ملك الوقف: فإن قيل: يملكه حنث لمساواته الهبة، وإلا فلا؛ لعدم مساواته لها.
ولقائل أن يقول: لا يحنث وإن قيل يملكه؛ لأن الإنسان ممنوع من هبة أولاده الذكور والإناث بالسّوية وليس بممنوع من الوقف عليهم بالسوية على المنصوص. فلم يلزم من المنع من الهبة المنع من الوقف.
وأما كون من حلف لا يهبه فوصّى له لا يحنث؛ فلأن الموصُى له لا يملك إلا بالقبول بعد الموت، وبالموت تنحل اليمين.