للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون من سرق من غير ذلك الحرز الذي فيه المال المسروق أو المغصوب يقطع؛ فلأنه لا شبهة له في هتك الحرز المذكور. فوجب القطع؛ لأن المسروق مال لا شبهة له فيه.

وأما كون من سرق من مال من له عليه دين وهو قادر على أخذ حقه يقطع؛ فلأنه مال لا شبهة له فيه.

وأما كونه إذا فعل وهو يعجز عن أخذ حقه لا يقطع على قول غير القاضي؛ فلأن بعض أهل العلم يبيح له ذلك. فيكون الاختلاف في إباحة الأخذ شبهة دارئة للحد؛ كالوطء في نكاح مختلف في صحته.

وأما كونه يقطع على قول القاضي؛ فلأن مِن أَصْله أنه ليس له أخذه.

قال المصنف رحمه الله في المغني: وهذا يعني تعليل القاضي لا يمنع الشبهة الناشئة عن الاختلاف.

فإن قيل: من يعجز عن أخذ حقه إذا سرق أكثر منه.

قيل: إن قيل لا يقطع بسرقة قدر حقه هل يقطع هنا؟ فيه وجهان. توجيههما ما ذكر في سرقة المغصوب منه مال الغاصب من الحرز الذي فيه العين المغصوبة، وإن قيل: يقطع فيقطع هنا؛ لأن (١) الزائد لا شبهة له فيه.

قال: (ومن قطع بسرقة عين ثم عاد فسرقها قطع. ومن أجّرَ داره، أو أعارها ثم سرق منها مال المستعير أو المستأجر قُطع).

أما كون القطع يتكرر بسرقة العين الواحدة؛ فلأنه فعل ثانياً مثل ما فعل أولاً. فوجب أن يجب عليه ثانياً مثل ما وجب عليه أولاً؛ كما لو زنى فحد ثم زنى.

فإن قيل: لو تكرر القذف لم يتكرر الحد.

قيل: حد القذف شرع؛ لتكذيب القاذف، وذلك يحصل بالمرة الواحدة. بخلاف القطع فإنه شرع للزجر فإذا سرق العين ثانياً علم أنه لم ينزجر. فوجب أن يتكرر الحد (٢)؛ لتحصل الحكمة التي شرع القطع من أجلها.


(١) في أ: لكون.
(٢) ساقط من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>